روائع مختارة | واحة الأسرة | أولاد وبنات (طفولة وشباب) | الطفل.. والغضب

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة


  الطفل.. والغضب
     عدد مرات المشاهدة: 4571        عدد مرات الإرسال: 0

ذهبت أم أدهم إلى الحديقة مع أولادها الصغار؛ لقضاء يوم ترفيهي ممتع، وكانت الأم مثالية.

لقد قامت بملاعبة أطفالها على الأرجوحة، واشترت لهم بعض اللعب، واشتركت معهم في اللَعِب تحت الشجر وفي قذف الكرة والطبق الطائر.

والآن حان موعد الانصراف لتجهيز العشاء في البيت.

حاولت الأم أن تأخذ أولادها وتضعهم في السيارة ولكن بجهد جهيد، حيث أنها بذلت جهدًا لا يوصف في إرغام طفلها الصغير أدهم على الدخول في السيارة؛ حيث أنه كان يقوس ظهره ويصرخ.. ويصرخ.. ويصرخ..

حينها قالت الأم في نفسها: "إذًا هذه هي المكافأة التي أتلقاها مقابل هذه النزهة اللطيفة، في المرة القادمة سوف نمكث في المنزل"!!!

عزيزي المربي تفهم السبب!!

..."دعك من السبب! فقط أخبرني بما يجب عمله عندما يشرع ابني في الصراخ...!"

قد تكون هذه هي الطريقة التي تفكر بها، عندما أسألك أن تتفهم السبب الذي لأجله يغضب الطفل.

لعلك تتعجب من هذه الطريقة في التفكير؛ وذلك لأنك تفكر مباشرة كيف تحل مشكلة الغضب بصورة مباشرة.

ولكني أقول لك أيها المربي العزيز: إن الطريقة المثلي لعلاج نوبات الغضب هي معرفة السبب، وكما يقولون: (أول طريق الشفاء معرفة سبب المرض).

لماذا يغضب الطفل؟؟

1.   الإحباط الذي ينتابه في سعيه للاستقلال:

إن الطفل الصغير مازال أمامه الكثير من المهام التي يريد أن ينجزها، وهذا يعني أن كل ثانية يقضيها الطفل في محاولة لمواجهة تحديات الوصول إلى نفس مستوى من يكبرونه من إخوته ستصيبه بالإحباط.

إن نوبات الغضب تندلع لدى الطفل من مثل هذه الإحباطات الخفية، أو عندما يقوم بمهمة تشبع عنده الرغبة في الإستقلالية والشعور بالذات.

فالطفل الذي يلعب بالدراجة، وأمه تريد أن تأخذها منه لأن وقت تأجير الدراجة قد انتهى، ثم يصرخ وتبدو عليه نوبات الغضب، إنما كان يشعر وهو يقود الدراجة بأنه يقود العالم بأسره.

وذلك لأنه يشبع رغبته في الاستقلال وثقته بنفسه وقدرته على اللحاق بإخوته الكبار الذين يقودون الدراجات بسرعة أكبر منه....

2.   حرمانه ما يريد:

لقد رأينا ما حدث في بيت الجدة مع والد أيمن، وما حدث أيضًا في السوق مع أم أحمد، وما حدث أيضًا في الحديقة مع أم أدهم.

كل هذه الحوادث تدل على أننا حرمنا الأطفال أشياءً يريدونها، كالحلوى، وكاللعب مع الأقارب، وكالبقاء في الحديقة.

كان ذلك هو السبب في غضب الأولاد، إنك لم تفكر وأنت تمنع طفلك هذه الأشياء أنه سيكون في أقصى احتياجه لها.

كما أنك غيبت فن التفاوض معه، واستخدمت أسلوب فرض القوة، كما أنك أيها المربي الفاضل حرمته في البداية وبالتالي كانت هذه النتيجة في النهاية.

3.   التعب والجوع:

أجسامنا لها متطلبات لا تتنازل عنها، فمهما كان الطفل ناضجًا قد يصيبه التعب والجوع بالعدوانية، وبالتالي سوء السلوك، لذلك قد يكون السبب في غضب الأطفال التفريط في تغذيتهم بصورة سليمة.

كثير من الأمهات ينشغلن عن إطعام أطفالهن ويتركنهم عرضة للجوع بحجة الانشغال عنهم بأمور البيت أو بالعمل، ولكن هذا له أثر كبير على صحة الطفل النفسية.

4.   الرغبة في جذب الانتباه:

أحيانًا تندلع ثورة الغضب تعبيرًا عن شعور الطفل بتجاهل الآخرين له، وهنا يكون الانتباه إليه أولى من التجاهل.

فالطفل المهمَل عرضة لنوبات الغضب، ذلك أنه يشعر بالفراغ الروحي، وببعد الوالدين عنه فيحتاج إلى شيء من الانتباه، ليعرف قدره عندهما.

وأنه يشكل أهمية كبيرة لديهما، فعندما تندلع نوبات الغضب منه يسارع إليه والداه، لتهدئته وحل مشكلته، هو إذًا يبحث عن الحنان المفقود، ويبحث عن الاهتمام الغير موجود.

منهج التعامل مع غضب الطفل:

إن الغضب من أبغض الأخلاق التي ينبغي للمسلم أن يتنزه عنها، وشرع الله القويم قد أمعن في التحذير منه، ذلك لأن الغضب هو سبب كثير من الجرائم التي ترتكب.

وخصوصًا في زمننا هذا؛ حيث أن أصحاب تلك الجرائم لم يستطيعوا الإمساك بأزمة انفعالاتهم، بل أطلقوا لها العنان ولم يكظموها، فكانت هذه هي النتيجة القتل، الإيذاء، التشريد...

كما قال صلى الله عليه وسلم: (لا تغضب) [صححه الألباني]، وقال: (ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) [متفق عليه].

ومن هنا عزيزي المربي يـأتي دورنا لنعلم أبناءنا التحكم في النفس وعدم الوقوع في براثن الغضب؛ إرضاءً لله تعالى وردعًا لكيد الشيطان اللعين، وتفاديًا لمخاطر الغضب وأضراره..

ونحن في هذه السطور نضع قدمك على الطريق الذي ستتعلم من خلاله كيفية التعامل مع غضب طفلك فتتعرف على: الخطوة الأولى، والأخطاء الشائعة، والتصرف السليم.

أولًا: الخطوة الأولى:

نعني بالخطوة الأولى عزيزي المربي: ما هو أول شيء لا بد وأن تفعله كي تعلم طفلك التحكم في الغضب؟

إن أول خطوة تخطوها في هذا الطريق ـ وهي لا بديل عنها ـ أن تكون قدوة في كظم الغيظ، نعم أيها المربي الفاضل.

فالطفل الذي يرى والده دائمًا في حالة غضب وانزعاج لأتفه الأسباب سيتعلم منه ـ ولا شك ـ هذا الغضب وسيكون غضبه سريعًا.

ثانيًا: الأخطاء الشائعة:

إليك عزيزي المربي مجموعة من الأخطاء التي يقع فيها الآباء والمربون عندما يغضب أطفالهم..

1.   الآباء الذين يفقدون أعصابهم:

فالطفل بالتأكيد عندما يغضب ويثير الجلبة يضع والديه في موقف مخجل، يرفع صوته ويصرخ بما يملك من قوة، ويضرب برجله الأرض، بل وربما نال الآباء شيئًا من سبابه..

وفي هذه الحالة يفقد الآباء توازنهم وينهالون على الطفل بالضرب، فلا يزداد إلا غضبًا وصراخًا، وهذه الطريقة بالتأكيد خاطئة لأن ضرب الطفل يحتاج إلى ضوابط، كما أن ضربه في السوق وأمام الناس يقتل فيه شخصيته.

2.   الآباء الذين يستسلمون لمطالب أطفالهم:

فإن كان مطلبه "لعبة" اشتراها له، وإن كان مطلبه أن يجلس مدة أطول في الحديقة أو عند الأقارب استجاب له، وإن كان مطلبه أن يشاهد الكرتون لمدة أطول استجاب له، وذلك هروبًا من صراخه وإزعاجه.

وهذه الطريقة خاطئة بالتأكيد؛ لأنها ستعلم الطفل الطريقة التي يحصل بها على ما يريد وهي "الغضب". 

(فعليك أيها الوالد ألا تستسلم إن لجأ ابنك إلى النواح والإلحاح، أو طالبك بشي غير منطفي أو طالبك بعمل شيء ما، أوقف المناقشة في الحال، قل له بحزم إنك لا تقبل هذا السلوك.

اطلب منه أن يكون متحضرًا وأن يحدد موعدًا لكي يجري معك مناقشة منطقية بشأن الطلب في وقت لاحق, وعندما يدرك ابنك أنك تعني ما تقوله، سوف تكون قد حققت قفزة هائلة في تغيير هذا السلوك) [لا تعاملني بهذا الأسلوب، ميشيلي بوربا، ص(158)].

3.   بعض الآباء يرشون أبنائهم:

اسكت وسأعطيك نقودًا.

فهذا خطأ فادح يقع فيه الآباء عندما يستجيبون لغضب الطفل، فهذا يسمى أسلوب التدليل (وهو يتمثل في التراخي في معاملة الطفل، بحيث يتم إشباع حاجات الطفل في الوقت الذي يريده هو.

وبالكيفية التي يرغب فيها، والمسارعة في قضاء كل ما يطلبه، مهما كان غير مقبول، وأن يصبح من حوله في طاعته، ورهن إشارته فلا يرفض له طلب مهما كان.

كما أن التدليل يوجه الطفل إلى عدم تحمل المسئوليات والأعباء التي تتناسب مع المرحلة العمرية التي يمر بها الطفل، ويترتب على التدليل تأخر النضج الانفعالي والاجتماعي عند الطفل، ولا يستطيع التحري عن أمر بسهولة.

ولا يستطيع الشعور بالمسئولية، ولا يقدرها، ولا يقاوم مشكلات الحياة، ولا يستطيع مجابهة حالات الإحباط، فهو دائمًا عرضة للاضطرابات النفسية عندما تقف في سبيله عقبة أو مشكلة.

ويغلب عليه الاعتماد على الغير، مع ضعف الاعتماد على النفس، ويلجأ إلى أسلوب تجنب المشاكل، أو المخاطر، أو تأجيلها وإهمالها) [العشرة الطيبة، محمد حسين، ص(394)].

4.   المناقشة والإقناع في غير موضعهما:

كأن يقول لطفله: لماذا يا بني هذا الصراخ، إن الطفل الجيد لا يصرخ ولا يغضب..

وهذا الأسلوب أيضًا خاطئ، لا في أصله ولكن في وقته، فالطفل وهو في حالة الغضب لن ينفع معه هذا الأسلوب لأنه لن يستوعبه، فهو لا يفكر في حالة غضبه إِلا في الشيء الذي يريده، وبالتالي كان لا بد علينا أن ننتشله من حالة الغضب التي انتابته، ثم بعد ذلك نكلمه بهدوء وحكمة.

ماذا بعد الكلام؟

إن تصرف الأبوين السليم تجاه غضب طفلهما ينقسم إلى شقين:

1.         سلوك الآباء قبل الغضب (الوقاية خير من العلاج):

•  علم طفلك درسًا عن الغضب، من خلال تعليمه أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي تنهى عن الغضب، وباستخدام القصة التي تبرز عاقبة الغضب.

•  احرص على منع الأسباب التي تؤدي إلى غضب الطفل وهي: الحرمان المادي أو العاطفي، والتدليل الزائد عن الحد، والتعب والجوع.

•  حاول أن تهيئ جوًا لا يصنع الغضب، فإذا كنت ذاهبًا إلى السوق فإما أن تذهب وحدك ليتسنى لك شراء الحاجيات، وإما أن تجلس مع طفلك قبل أن تنزل لتوضح له الهدف من الذهاب إلى السوق.

وأننا لن نشتري لعبة من محل اللعب ولكن من الممكن أن أشتري لك شيئًا من الحلوى، وتتفرج على اللعب لتختار اللعبة التي أشتريها لك بإذًا الله عندما تنجح.

•  علم طفلك أن يذهب ويتوضأ إذا غضب.

•  علم طفلك أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم إذا غضب.

•  عود طفلك طريقة للتنفيس عن غضبه كأن يلعب رياضة أو يتنزه مع بعض أصدقائه.

2.   سلوك الآباء عند حدوث الغضب:

•  عليك أن تبقى هادئًا ولا تفقد أعصابك.

•  لا تسع لمناقشة الأمر بحكمة.

•  غادر المكان العام إذا تطلب الأمر.

•  أمسك طفلك إن فقد السيطرة على نفسه.

•  إن كان الطفل صغيرًا حاول أن تشتت انتباهه.

ثم أخيرًا: تفهم مشاعر ابنك وحاول أن تتعرف على الأسباب التي أدت لغضبه.

المصادر:

•    العشرة الطيبة، محمد حسين.

•    لا تعاملني بهذا الأسلوب، ميشيلي بوربا.

المصدر: موقع مفكرة الإسلام